|
|
|
Archivio - أرشيف |
|
|
كل شيء جائز في مصر المحروسة
|
|
«إيطاليا- جنوة: «عرب.إت
|
عن جريدة العربي المصرية
ليس في صحيح القانون امرأة اسمها زينب، ولا في الدستور شيء اسمه لجنة السياسات وجمال مبارك، ولأن الدستور في اجازة، فكل شيء جائز في مصر المحروسة، لجنة السياسات هي الحكومة الحقيقية، وحكومة عاطف عبيد مجرد طيف باهت، جمال مبارك يرأس رئيس الوزراء عاطف عبيد في اجتماعات لإعداد قرارات وقوانين، وقد كان جمال مبارك ـ لا عاطف عبيد ـ هو صاحب قرار تعويم الجنيه وإطلاق جنون الدولار، ولم يعد أحد يناقش في الكارثة التي حلت بمصر مع قرار تشييع جنازة الجنية، فقد الجنيه نصف قيمته في عامين، وقرار التعويم يمضي بالجنيه الي الهاوية، والنتيجة: ارتفاع فلكي للأسعار، وتفاقم اختلالات الاقتصاد المصري، وزيادة عجز الموازنه الي حدود مخيفة (42 مليار جنيه إلي الآن)، ومضاعفة الديون الداخلية، واختراق المحظور بسلب الحكومة لمليارات التأمينات، وبيع الترام لهيئة التأمينات الي حد بات يهدد بوقف صرف المعاشات في مدي منظور، وطبيعي أن اختيارات الحكم ـ قبل سياسات الحكومة ورؤساء الوزارات ـ هي التي مهدت الطريق الي الكارثة، وانتقلت بالزمن المصري الي مواسم الخراب العام، والي حد اعترف معه تقرير أخير في مجلس الشعب بهروب 90 مليار دولار لخارج مصر، كل ذلك معروف وتسأل عنه اختيارات الثلاثين سنة الفائته، وهذا حساب سياسي تاريخي لم نصل بعد الي أوان الحكم فيه، ويتعلق الأمر بالمقدرة علي التغيير في يوم حساب "تنعد فيه المظالم"، لكن قرار لجنة جمال مبارك ـ أوائل العام الذي تتفلّت أيامه ـ يظل عنوانا علي تسريع عجلة الانهيارات، فقد ظلت السياسة المصرية تتمنع في قبول وصفة تعويم الجنيه، وكان صندوق النقد الدولي ـ مسنودا بضغوط واشنطن ـ يلح ويتعجل، وكان الرئيس مبارك يرفض دائما في تصريحات علنيه ومانشيتات صحف، وبعد 13 سنة من إلحاح صندوق النقد تحقق الهدف ببركات لجنة جمال مبارك، وجري تقديم القرار ـ للأوساط الأمريكية بالذات ـ كدليل علي ديناميكية الابن جمال مبارك في سياق سيناريو توريث الرئاسة، وهكذا جرت المقامرة بمستقبل بلد لقاء طموحات لا تبدو مشروعة، ففكرة التوريث الرئاسي مرفوضة باليقين، والمعارضة واسعة لها في مصر، وإن كان أغلبها صامتاً، ومبادرة مهندس الزقازيق بإشهار الرفض الشعبي حملت معها دلالتها الرمزية، والمصادر الرسمية ـ في الأيام الأخيرة ـ تتنكر لفكرة التوريث، وليس سرا أن الرئيس مبارك نفسه هو الذي أمر بالافراج عن مهندس الزقازيق قبل انقضاء مدة حبسه (!)، والمعني: أن التسليم بازدراء توريث الحكم صار قدرا مقضيا، وهذا تطور ايجابي قد لا يقبل التشكيك، لكنه تطور جزئي علي أي حال، ونتصور أن انهاء رئاسة جمال مبارك للجنة السياسات مما قد يقطع حبال الشك بسيف اليقين، فظاهرة لجنة السياسات أقرب للشذوذ الدستوري، وهي بنت سيناريو التوريث الذي لا يوقف حقا بغير قص الجذور، ولا معني لربط لجنة السياسات ـ بالممارسة الحالية ـ في سياق عمل حزبي، فالحزب ـ حتي لو كان حاكما ـ هو مجرد مؤسسة خاصة بأعضائه، ولا يجوز للجنة حزبية أن تتحول الي سلطة تنفيذية، أو أن تصبح هي الحكومة الحقيقية المحصنة الناجية من مساءلة برلمانية أو فحص رقابي ولم يكن للجنة أن تتضخم في الدور بغير رئاسة جمال مبارك، فلا يصح أن يسأل عاطف عبيد ـ بكل أوزاره ـ عن قرارات لجمال مبارك، وإلا صح وصف يوسف والي لنفسه أخيرا بأنه "ناظر الزراعة"، وكأنه موظف في عزبة لا وزير في حكومة، ما علينا، المهم : ان لجنة السياسات ـ بحشد جماعات البيزنس والأكاديميين والبيروقراطيين فيها ـ كانت قفزة في سيناريو توريث يقال أنه جري العدول عنه، والأهم: ان قرار تعويم الجنيه ـ لصاحبه الأصلي جمال مبارك ـ كان قفزة في هواء، وليس عدلا أن تنكسر رقبة بلد بنوازع اشخاص لم يعد لها محل.
عبد الحليم قنديل
|
نُشر هذا الخبر بتاريخ: |
01.11.2004 |
:Notizia pubblicata in data |
|
:: الموضوعات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع :: |
2006 © عرب.إت |
|
|
|
|
|
|
| Copyright © A R C O SERVICE 1996-2006. All rights reserved. Tutti i diritti riservati.
E-mail: info@arab.it Tel: + 39 010 5702411 / Fax: + 39 010 8682350
|
|
|