|
|
|
Archivio - أرشيف |
|
|
هل نحن فعلا خير أمة أخرجت للناس؟
|
|
«إيطاليا- جنوة: «عرب.إت
|
عن جريدة بيان اليوم المغربية
من المفترض أن تخلف تقارير التنمية البشرية العربية لبرنامج التنمية، التابع للأمم المتحدة ، حوارا بين المفكرين العرب والمراقبين السياسيين، وحتى المسؤولين، حول سبل التغلب على العقبات التي تقف في طريق تحقيق مزيد من الحرية والازدهار في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ونفس الأمر بالنسبة لتقارير أخرى صادرة عن منظمات اقليمية ودولية، منها منظمة العمل العربية. لكن مجمل هذه التقارير تخلف ردود فعل متباينة، بين الرفض والقبول والحذر، والقليل هو من يقر بحقائقها النسبية والناطقة بوقائع لا يستطيع صناع القرار والحكام في الوطن العربي اخفاءها.
أثناء طاولة مستديرة، عقدها برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة في واشنطن في ديسمبر الماضي، تمت الاشادة بتقريرسنة 2003 الذي حللت فيه شريحة عريضة من الباحثين العرب بصراحة وضع التنمية البشرية في الدول الناطقة بالعربية. وكانت المحصّلة الرئيسية التي توصل إليها التقرير هي أن شعوب الدول العربية متخلفة عن العالم في مجالات الحرية وتمكين المرأة والمعرفة. وقد ركز تقرير عام 2003 بشكل خاص على التفاوت في المعرفة بين شعوب الدول العربية والشعوب الأخرى. ويذكر أن منظمة العمل العربية أصدرت مجموعة من التقارير ذات صلة بالتنمية في الوطن العربي، من بينها التقريرالأخير المتميز، الذي كشف عمق الهوة بين مجموع الدول العربية واسرائيل ودول أخرى، في مجال البحث العلمي وهجرة الكفاءات.
فحول وضعية التعليم والأمية، لاحظ التقرير أن الأمية في العالم العربي تقدر بحوالي 45٪، بينما لاتزيد في اسرائيل على ٪5 فقط، بمعنى أن أمة العرب دخلت الألفية الثالثة بحوالي 70 مليون أمي غالبيتهم من النساء.
أما نصيب المواطن العربي من الإنفاق على التعليم فلا يتجاوز 340 دولاراً سنوياً، في حين يصل في اسرائيل إلى 2500 دولار سنوياً.
ودائما في مجال المعرفة ،يقول التقرير حول استخدام الكمبيوتر، أنه في الوقت الذي نجد في اسرائيل 217 جهاز كمبيوتر لكل ألف شخص، يوجد في مصر 9 أجهزة فقط لكل ألف شخص، وفي الأردن 52 جهازاً و39 جهازاً في لبنان. وعموما أن معدل المواطنين العرب القادرين على استخدام الإنترنت يبلغ 1,6 بالمئة. وأضاف التقرير أن اسرائيل أعدت منذ عام 1993 خطة لتوفير جهاز كمبيوتر لكل روض أطفال ولكل 10 أطفال في المدارس، وفي ظرف ثلاث سنوات نفذوا ربع الخطة التي ستكتمل في عام2005 واذا أرادت الدول العربية تنفيذ مثل هذه الخطة عليهم توفير ستة ملايين جهاز، أي بمعدل مليون جهاز سنوياً وهو مايتطلب مليار دولار.
واذا كان البحث العلمي يشكل عاملا أساسيا من عوامل التنمية، فان الإنفاق السنوي للدول العربية في هذا المجال الحيوي لا يتجاوز 0.2٪ من إجمالي الميزانيات العربية، و في إسرائيل تخصص 2.6٪ من الميزانية السنوية للبحث العلمي ،فيما تنفق أمريكا 3.6 % على براءات الاختراع. وفي هذا الصدد سجل مكتب العلامات التجارية الأمريكي إن العرب سجلوا في عام 1997 24 اختراعاً، أي اختراعاً واحداً لكل 10 ملايين نسمة، أما في إسرائيل فقد سجل 577 اختراعاً، أي 1020 اختراعاً لكل 10 ملايين نسمة، والفرق يقدر بآلاف الأضعاف، ولم يتفوق على إسرائيل سوى الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وسويسرا وتايوان.
من خلال هذه المعطيات تتضح المفارقات الصارخة والمؤلمة، وواقع وأحوال"خير أمة أخرجت للناس"فبينما يتفوق العرب عدديا من حيث السكان والمساحة، نجد اسرائيل تتفوق في كل المجالات بدون استثناء، وتفوقها هو نتيجة عوامل متعددة، يشكل الدعم الغربي واحدا منها، والباقي جاء بفضل ما يبذله الاسرائيليون. والحالة هذه لاداعي من تكرار طرح السؤال: لماذا تتفوق علينا اسرائيل.
أن الأوضاع المقلقة التي تعيشها الدول العربية على مستوى المعرفة والتنمية ليست قدرا أزليا ، وهي تعود بدورها لأسباب متعددة، منها ما يرتبط بالتاريخ، وتحديدا منذ أن أدار حكام العرب والمسلمين ظهورهم للاجتهاد والعقل وحاربوا العلماء والمجددين، الذين استفاد الغرب من عطائهم الفكري والعلمي وعمل على تطويره. ومنها ما يتعلق بسياسة الاقصاء وقمع الحريات وعدم الاعتراف بالديمقراطية لتكريس اختيارات أدت الى النتائج التي خلصت لها تقارير هيئات وطنية واقليمية ودولية. نعم هناك عوامل خارجية قريبة وبعيدة، كالاستعماروما يسمى بالحرب العالمية على الإرهاب، احتلال الولايات المتحدة ودول أخرى للعراق واغتصاب فلسطين واستمرار الاحتلال الاسرائيلي، وما خلفه من دمار وقتل وفي نفس الوقت تفرقة.مثل هذه العوامل الخارجية لها ولاشك تأثيرها السلبي على التنمية العربية، كما وقف على ذلك خبراء، غير أنه لا يجوز اعتمادها لتبريرالفشل، بل ينبغي أن تكون في حد ذاتها وسيلة لخوض التحديات وتحقيق التنمية البشرية المؤجلة، كخطوة على درب التقدم الاقتصادى والعلمي والاجتماعي. لكن من يخلق التقدم والتنمية؟
لقد أكدت التجارب أن الموارد البشرية تشكل عامل حاسما في التنمية المطلوبة وهذا ما خلصت له دراسة شملت 132 بلدا، حيث وقفت على أن رأس المال البشري والاجتماعي يساهم بما لا يقل عن 64 من أداء النمو، أما رأس المال المادي ـ آلات ومبان وبنى أساسية ـ فنسبته16%، في حين يساهم رأس المال الطبيعي بالنسبة المتبقية أي في حدود %20 ومثل هذه الاستنتاجات يؤكدها الواقع في الدول العربية التي تعتبر غنية بمواردها الطبيعية بيد أن شعوبها تعاني في ذات الوقت مشاكل وأزمات اجتماعية كبيرة، كما تؤكدها ظاهرة هجرة العقول العربية للخارج التي اضطرت للهجرة لأن دولها لم توفر لهم الفضاءات والامكانيات للمساهمة في البناء والتنمية.
وتجدر الاشارة أن اقتصاديين عرب مرموقين، من بينهم الفقيد الدكتور عزيز بلال، انتبهوا منذ السبعينا ت وبداية الثمانينات الى ما تشكله العوامل غير الاقتصادية في التنمية.
لقد سبق القول أن التخلف ليس قدرا، بمعنى أن التنمية ممكنة، تتطلب وقتا لكن تقتضي توفر ارادة وليس نوايا، و فعلا وليس خطابات ووعود وفي الظرفية العالمية الحالية، على المستوى الاقتصادي والسياسي، وما يميزها من تكثلات، لابديل للدول العربية سوى التكامل في اطار الوحدة، ان أرادت فعلا تحقيق التنمية وتسريع وثيرتها لتدارك ما راكمته من مظاهر التخلف طيلة عقود ان لم نقل عبر قرون. والوحدة لن تكتمل الا باشراك الشعوب في تدبير شانها وضمان حرية اختياراتها.
هذا بديل السيادة، المنشود، والطريق الصحيح للتنمية، وهناك بدائل أخرى تلوح بها أمريكا ويباركها بعض حلفائها، ويبدو أن هناك عزم على تنفيذها. فهل سيضيع الحكام الفرصة من جديد على شعوبهم ويفسحون المجال للآخر ليخطط ويدبر ويوجه ويعلم على المقاس؟
نور اليقين بنسليمان
|
نُشر هذا الخبر بتاريخ: |
18.10.2004 |
:Notizia pubblicata in data |
|
:: الموضوعات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع :: |
2006 © عرب.إت |
|
|
|
|
|
|
| Copyright © A R C O SERVICE 1996-2006. All rights reserved. Tutti i diritti riservati.
E-mail: info@arab.it Tel: + 39 010 5702411 / Fax: + 39 010 8682350
|
|
|